الحركة العلمية بجزيرة جربة
الحركة العلميّة والفكريّة بجزيرة جربة عبر التّاريخ مدرسة الجامع الكبير –أبي مسور- نموذجا إعداد: سعيد بن يوسف الباروني المقدّمة: إنّ ازدهار الحركة العلميّة بجزيرة جربة لدى الإباضيّة بالمغرب العربيّ من حديث وتفسير وتوحيد وفقه ولغة كان مرتبطا بقيام الدّولة الرّستميّة بتاهرت ومن تبعها من ولايات كنفوسة ومنطقة الجريد. وبفضل تسامح الأئمّة الرّستميّين استطاع العلماء أن يفيدوا لجدال علماء الاباضيّة في كلّ مسائل العقيدة وتكوّنت حركة علميّة وبنيت مدارس عديدة في مختلف مناطق الجزيرة. وعن عدد المدارس يذكر الشّيخ سعيد بن أيّوب الباروني في قصيدة من البحر الطّويل ذكر فيها مجموعة من المدارس مع التّعرّض للمدرّسين بكلّ واحدة منها. هذه القصيدة منظومة حوالي نصف القرن 11 هـ / 17 م في 66 بيتا يقول في مطلعها: لهـجت بذكر ذي التّقى والفضائل - أمـين وليّ الله نور المحـافل وشمس الضّحى القصبيّ مفتي النّوازل- حليف الهدى والبرّ باقي الأوائل فموت أبي حفص كمسلم وجابر وعن الحركة العلميّة بجزيرة جربة يقول الشّيخ عمر بن سعيد بن محمّد بن زكرياء في رسالة وجهها إلى الإمام بلعرب بن سلطان بن سيف بن مالك إمام عمان (1091 – 1104هـ) إثر زيارته الإباضيّة هناك"وأخبرك يا نعم السيّد ببعض أحوال جربة من أهل هذه الدّعوة أي الإباضيّة في زماننا هذا مع ضعفهم وقلتهم وسوء حالهم ومعهم من مدارس العلم ما يزيد على العشرين، كلّ يعلم قدر علمه: منهم من اقتصر على النّحو واللّغة وعلم الدّيانات ومنهم من تبحّر في النّحو واللّغة والصّرف والمعاني والبيان والمنطق والتّوحيد وأصول الدّين والفقه والحساب والفروض الشّرعية والعروض الشّرعية وغيرها. ومن عادتهم يجتمعون في كلّ يوم أحد وثلاثاء عند شيخ من المشائخ وهو أبو زيد ابن احمد بن أبي ستّة فيقرأون عليه ويلقون في المجلس المشكلات والسّؤالات فيتحرّى فيها الصّواب ويزيل عنها الالتباس. خريطة مدارس مساجد جزيرة جربة وذكر الدّكتور الجعبيري في نظام العزّابة عند الإباضيّة الوهبيّة في جربة ص 240 طبعة 1975 عشرين مدرسة وهي: 1- مدرسة الجامع الكبير بحومة الحشّان 2- مدرسة وادي الزّبيب في حومة جعبيرة 3- مدرسة الغار في حومة مجماج 4- مدرسة تاجديت في حومة فاتو 5- مدرسة جامع الغرباء في حومة السّوق 6- مدرسة بني لاكين في حومة غيزن 7- مدرسة أبي كثير في حومة تغديمس 8- مدرسة ليمس في حومة آجيم 9- مدرسة التغزويسني في حومة مزران 10- مدرسة بوليمان في حومة جعبيرة 11- مدرسة بوليمان في حومة صدغيان 12- مدرسة مدراجن في حومة مزراية 13- مدرسة تقومين في حومة والغ 14- مدرسة تيفروجين في حومة والغ 15- مدرسة تيواجن في حومة تيواجن 16- مدرسة أبي ستّة في حومة ورسيغن 17- مدرسة الحارة في حومة سدويكش 18- مدرسة ابن يعلى في حومة بني ديغت 19- مدرسة القصبيّين في حومة قلّالة 20- مدرسة جدّي عيسى في حومة ربّانة إنّ الاهتمام بالجانب العلميّ عند الإباضيّة بالمغرب العربيّ كبير لما له من فاعليّة في شحذ العزائم وذلك بحسن تربية النّاشئة والعناية بتعليمهم وتلقينهم أصول دينهم، ويقوم التّعليم عندهم على جملة من المبادئ ذكرها الشّيخ عبد الله السّالمي في تحفة الأعيان ج 2 ص 80 منها: أ- تقوى الله في السّرّ والعلانية. ب- إخلاص النّيّة في كلّ عمل. ج- قبول الحقّ عند تجلّي براهينه. د- مراعاة العدل هـ- تحسين الخلق و- التأدّب مع الله. ز- استمرار الانتباه ودوام المراقبة. يعود نظام الترّبية والتّعليم عند الإباضيّة بالمغرب العربيّ إلى الشّيخ أبي عبد الله محمّد بن بكر (مؤسّس نظام العزّابة في القرن 5 هـ ) حيث ضبط قوانين وأنظمة صارمة لغرس مبادئ الإسلام في طلبته على انّه منهج حياة لا فصل فيه بين العلم والعمل ولا بين النّص والواقع. لقد قسّم الشّيخ أبو عبد الله حلقة العزّابة – جمع عزّابي- من العزوب عن الدّنيا والإقبال على الآخرة وخدمة الصّالح العامّ ولا تعني العزوبة عن الزّواج، إلى ثلاثة مجموعات هي بمثابة المراحل التربويّة المعروفة في عصرنا: 1- تعليم ابتدائيّ في الكتاتيب يقع فيه تحفيظ القرآن ومبادئ الفقه الأولى. 2- تعليم ثانويّ في المساجد والمدارس القارّة والمتنقلة وفيه يتمّ التّوسّع في دراسة العقيدة والفروع والآداب وملازمة الشّيوخ والانتقال معهم في أسفارهم تحقيقا لشمول التّربية. 3- تعليم عال مخصّص للتّبحّر في مختلف العلوم وخاصّة العقيدة وفروع الفقه والوقوف عند مسائل الخلاف بين المذاهب وأعلام الفقهاء وكبار المتكلّمين. ويصوّر الشّيخ الوسياني تفاصيل نظام التّعليم في حلقة العزّابة بقوله: "وكان أبو يعقوب محمّد بن يدرن الزّنزفي في أمسنان بجبل نفوسة عادته يجلب العزّابة المبتدئين من أهاليهم ويعلّمهم الأدب والسّير فإذا وصلوا الشّيخ محمّد بن سدرين الوسياني أقرأهم القرآن والإعراب والنّحو وإذا وصلوا الشّيخ أبا عبد الله محمّد بن بكر علّمهم الدّين والعلم والأصول فمثّلوا هؤلاء الثلّاثة في أريغ وقالوا أبو يعقوب القاطع للأعواد من الجبل حزمات والنّجّار أبو عبد الله محمّد بن سدرين يقطع الحزمات ألواحا ويركبّها والشّيخ أبو عبد الله محمّد بن بكر يصلحها ويسنّيها. ونظام العزّابة هو نظام دينيّ اجتماعيّ تربويّ تطوّر عبر مراحل التّواجد الإباضيّ بين وادي أريغ ووادي ميزاب ومجلس العزّابة هو أعلى سلطة في المكان الّذي يوجد فيه ويمثّل سلطة الإمام (الحاكم) ويقوم في جميع مهامّه باستثناء إقامة الحدود. ويرجع تأسيس نظام العزّابة إلى أوائل القرن الخامس الهجريّ على يد الشّيخ أبي عبد الله محمّد بن بكر حين استقرّ مع تلاميذه في مدينة تنسلي بالقرب من توقرت (وادي أريغ) تعرف الآن باسم بلدة أعمر جنوب الجزائر وفي غار "التّسعي" شرع الشّيخ في وضع نظام الحلقة سنة 409 هـ ولمّا استكمل التّنظيم وأرسى قواعده وآدابه وشروطه انتقل الشّيخ أبو عبد الله بتلاميذه إلى وادي ميزاب وبذلك دخل نظام العزّابة إلى المنطقة ولا يزال بها ساريا مفعوله إلى اليوم يدير شؤون المجتمع الدّينيّة والأخلاقيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة والسّياسيّة. لقد اتّبع الشّيخ أبو عبد الله أسلوب الأسفار والتّنقّلات كما كان يعتمد على أسلوب فريد للإقناع والحجّة بالاستعانة بالأمثال الواقعيّة للإفهام والتّغيير وقد حفظت كتب السّير كثيرا منها. تعدّدت الدّراسات حول الشّيخ أبي عبيد الله ونظام العزّابة من مؤلّفات ورسائل جامعيّة فضلا عن الفصول المطوّلة في كتب التّاريخ والسّير. هيئة التّعليم تتكوّن من: 1 - شيخ الحلقة ومن مهامّه: - الجلوس لطلبة فنون العلم في وقت معلوم. -الجلوس إثر الختمة للجواب عن أسئلة التّلاميذ. -الجلوس للوعظ والتّذكير. - ضبط برنامج التّعليم. - تعيين أوقات الدّراسة. - تولية العرفاء للأشراف على مصالح التّلاميذ ورعايتهم. - الاستفتاح وهو قيامه في ثلث اللّيل الآخر أو في ربعه الآخر فيأتي في موضع الاستفتاح فيستعيذ ويبسمل ويقرأ الفاتحة ويبتدئ من حيث انتهى المجلس في اللّيلة الماضية وينبّه كلّ نائم فمنهم من يقرأ معه ومنهم من يخرج فيقرأ وحده فإذا أذّن الصّبح قطعوا القراءة. - جمع الطّلبة بالإضافة إلى يوم الجمعة، يوم الاثنين والخميس فيحضّ ويذكّر ويورد أمثالا حكيمة وحكايات زهديّة. - ينظر في قبول التّلاميذ الجدد القادمين من بلد قريب أو بعيد، ويستعين في ذلك بالعرفاء لمراقبة جميع حركات هذا الآتي في مدّة معيّنة. - اختيار فقهاء المحاضر من بين التّلاميذ الّذين يكونون قادرين على ضبط القراءة، فصحاء اللّسان، عارفين بعلم الخطّ. ويتولّون تعليم الخطّ وحروف الهجاء للمبتدئين وتصحيح الألواح وتعليم بعض السّور وتأديب الصّبيان ورفع الأمّيّة عن الكبار إذا لزم الأمر. 2 – العرفاء: وهم ثلاثة أصناف: أ – عريف أوقات الختمات: يعلن عن انتهاء حصص الدّراسة ويدعو جميع التّلاميذ إلى الختمة. ب – عريف تنظيم أوقات الدّراسة: يسجّل حضور وتأخير التّلاميذ عن الدّروس. ج- عريف تعليم القرآن الكريم: يقوم بإملاء الآيات القرآنيّة على التّلاميذ وتصحيح الألواح بعد الكتابة ومراقبة حفظ التّلاميذ وعقاب كلّ متهاون عن الحفظ. يقول الإمام أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الورجلاني المتوفىّ سنة 575 هـ "ولنا بحمد الله في كلّ خمسين سنة شيوخا علماء قادة سادة لو حمّلوا أمور النّاس لحملوها بآرائهم وعلمهم وحكمهم وكفاءتهم وبصائرهم ولا سيما بأرض المغرب". برامج التّعليم: للتّعليم عند الإباضيّة برامج تشمل مبادئ الكتابة وتحفيظ القرآن وعلوم النّحو واللّغة والتّصريف والتّفسير وعلم الحديث والتّاريخ والفقه وأصوله وعلم الكلام وغيرها من فنون العلم. قال الدّرجيني في طبقاته ج 2 ص 397 "وكان أبو يعقوب من علماء القرن الرّابع مقصدا للمبتدئين فإذا انتظموا في حلقتهم علّمهم السّير وآداب الصّالحين ثم ينقلهم إلى محمّد بن سدرين فيجرون قراءة القرآن ويتعلّمون اللّغة والآداب ثم ينتقلون إلى أبي عبد الله محمّد بن بكر فيعلّمهم أصول الدّين والفقه. الكتب المعتمدة في التّدريس: ستّة كتب معتمدة مشهورة وهي: 1- عقيدة التّوحيد في أصول الدّين المنسوبة للشّيخ عمرو بن جميع. 2- ديوان العزّابة في الفقه. 3- القصيدة الحائيّة تسمىّ تحريض الطّلبة للشّيخ أبي نصر فتح بن نوح الملوشائي. 4- كتاب العدل والإنصاف في أصول الفقه للشّيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الورجلاني. 5- كتاب التّحف في أصول الدّين للشّيخ أبي ربيع سليمان بن يخلف المزاتي. 6- متن النّونيّة لأبي نصر في أصول الدّين. 1- مدرسة الجامع الكبير بحومة الحشّان: الجامع الكبير بالحشّان ضريح فصيل زكرياء بن ابي مسوراليهراسني الجامع الكبير أو جامع أبي مسور نسبة إلى مؤسّسه يسجا بن يوجين اليهرساني، ومعنى يسجا في اللّغة الأمازيغيّة العمل الصّالح، وقد اتّفق المؤرّخون على كنيته بأبي مسور وبه اشتهر. ينتمي أبو مسور إلى بني يهراسن وهي قبيلة أمازيغيّة كانت مستوطنة الأراضي الّتي تمتدّ بين تطاوين وجبال نفوسة بليبيا. يقع هذا الجامع بالحشّان على طريق المطار كلم 4 غربيّ حومة السّوق وهو أكبر مساجد الجزيرة. شرع في بنائه أبو مسور اليهراسني في القرن الثّالث الهجريّ وأتمّه ابنه فصيل في بداية القرن الرّابع الهجريّ. دام نشاط هذه المدرسة العلميّ تسعة قرون و تخرّج منها العديد من علماء الإباضيّة بجربة ونفوسة وميزاب، منهم أبو محمّد كمّوس وماكسن بن الخير القيروانيّ وأبو موسى عيسى بن السّمح الرّبّانيّ وأبو الرّبيع يحي زكرياء الباروني وعيّاد بن قيراط واحمد البغطوري وغيرهم. ولهذه المدرسة الفضل في تأسيس نظام العزّابة في بداية القرن الخامس هجريّ على يد أبي عبد الله محمّد بن بكر النّفوسي وهو نظام اجتماعيّ ثقافيّ حافظ على التّراث العربيّ الإسلاميّ للمجتمع الجربيّ وامتدّ أثر هذا النّظام إلى جبل نفوسة بليبيا ووادي ميزاب ووادي أريغ وورجلان بالجزائر وله الفضل أيضا في جمع كلمة الجربيّين للتّصدي للحملات النّصرانيّة على الجزيرة عبر العصور. 2- مدرسة وادي الزّبيب في حومة جعبيرة: وتسمّى مدرسة جامع ولحي وهي ثالث مدرسة علميّة هامّة بنيت في جربة في بداية القرن 8 هجريّ/14 ميلاديّ بعد مدرسة أبي مسور وغار مجماج. توجد بحومة جعبيرة.اشترك في بنائها أهل البرّ والإحسان وأشرف على الأشغال الشّيخ محمّد بن أحمد الصّدغياني وبني الجامع كي يدرّس به الشّيخ يعيش بن موسى الزواغي الجربيّ المتوفيّ سنة 750 هـ 1349/1350 : كان قريبا جدّا من مسكنه بحومة أفصيل و كان الشّيخ أوّل المدرّسين به وتمّ توسيعه على مرّتين في سنة 1071 هـ و 1172 هـ. بالجامع رواق ومطبخ وخمسة مواجل وبيت صلاة بها محرابان، طولها 20 م على 10 م و بها نقوش بالسّقف. لها بابان شرقيّ وشماليّ. صومعة المسجد شماليّة شرقيّة انهارت في بداية الثّمانينات من القرن 20 م .الرّواق كبير جدّا وحديث وقع تجديده في القرن 12 هـ/18 م. يوجد غار شمال بيت الصّلاة. تولّى المعهد الوطنيّ للتّراث بالتّعاون مع جمعيّة صيانة جزيرة جربة ترميم المعلم سنة 1999 م أهمّ من درّس به الشّيخ يعيش في القرن 8 هـ وأبو القاسم البرّادي صاحب الجواهر وعبد الله أبو أحمد البرّادي في القرن 10 هـ وعبد الرّحمان الحيلاتي في القرن 10 هـ. لعبت هذه المدرسة أدوارا متعدّدة في خدمة المجتمع الجربيّ خاصّة على الصّعيدين العلميّ والاجتماعيّ إذ كان يمثل الحلقة الأولى والانطلاقة الفعليّة للحركة العلميّة الّتي تركزت أسسها بين جدران الجامع الكبير – أبي مسور- بالحشّان. كما لم تقتصر مهمّة هذا المعلم على احتضان هذه الحركة بل تحوّلت إلى مركز إشعاع جديد ما لبثت أن كوّنت أجيالا من المثقّفين نجد أثرهم في مختلف جهات الجزيرة فانتشرت المدارس وشيّدت المساجد في شكل شبكة متوازية ومتكاملة. أمّا من النّاحية المعماريّة فانّ مكانة مدرسة جامع ولحي لا تقلّ قيمة لانّ حركة تشييد المساجد الّتي عرفتها الجزيرة بصفة مكثّفة بداية من القرن 8 هـ /14 م انطلقت هي ايضا بصفة فعليّة من جامع ولحي حيث قطب المجتمع الجربيّ ومركز القرار, لذلك كانت هندسته تتميّز بخاصّيات يكاد ينفرد بها وبجماليّة تدلّ على مهارة الصّنع وبراعة الصّانع خاصّة عندما تتمعّن في الكيفيّة الّتي استعملها المصمّمون للمسجد في الرّبط بين الجماليّة والوظيفيّة وهي ظاهرة نجدها منتشرة في كامل الأشكال المعماريّة الجربيّة. 3- مدرسة الغار في حومة مجماج :) جامع بن بيان( يعود اسم المعلم إلى عائلة بن بيان وهو أحد أشهر المساجد الوهبيّة بالجزيرة وتعود شهرته إلى غار مجماج أو مقماق حسب النّطق الأمازيغيّ. تعني هذه الكلمة جماعة مختلطون كأنّهم شخص واحد ومفردها في اللّهجة المزابيّة تمجموج وتجمع على اتمجموجن في هذا الغار ألّف سبعة من مشائخ الاباضية الوهبيّة مصنّفا في الفكر الإباضيّ والمعروف بديوان المشائخ الموجود إلى اليوم في جزيرة جربة بالمكتبة البارونيّة والمؤلّفون هم: 1- أبو عمران موسى بن زكرياء المزاتي الدّمّري (النّصف الأوّل من القرن 5 هـ/11م) 2- أبو محمّد عبد الله بن مانوح اللّمائي الهوّاري (النّصف الأوّل من القرن 5 هـ/11م) 3- أبو عمرو النّميلي الزواغي (توفّي سنة 431 هـ/1039-1040 م) 4- أبو يحيى زكرياء بن جرناز النّفوسي 5- جابر بن سدرمام 6- كباب بن مصلح المزاتي 7- أبو مجبر توزين المزاتي ويستفاد من تواريخ حياة البعض من هؤلاء العلماء أنّ اجتماعاتهم بالغار كانت بين نهاية القرن الرّابع هجريّ/العاشر ميلاديّ وبداية القرن الخامس هجريّ /الحادي عشر ميلاديّ وبكلّ تأكيد قبل 431 هـ تاريخ الحملة الصّنهاجيّة ضدّ جربة بقيادة إبراهيم بن ينمو الوليلي والّتي كان من بين ضحاياها الشّيخ عمرو النّميلي. ورغم تواضع بناية الغار وبساطة هندسته تمكّن هذا المعلم من مقاومة الزّمن طيلة عشرة قرون. كان أوّل مدرسة علميّة بالمفهوم الأكاديميّ والنّواة الأولى لحلقة الدّراسات العليا والبحث والتّأليف الّتي عرفتها الجزيرة في تاريخها العربّي الإسلاميّ. تواصل إشعاع غار مجماج العلميّ مدّة قرون طويلة بفضل التّأليف الضّخم الّذي أصبح أبرز مرجع تعليميّ لكلّ أجيال الطّلبة. ينفرد غار مجماج عن المعالم الجربيّة بخصوصيّات لا نجدها في غيره فهو يختلف عن المساجد المبنيّة تحت الأرض مثل جامع البرداوي من حيث الشّكل والوظيفة فهو ليس بمسجد لإقامة صلاة الجماعة وإنّما هو غار بكلّ ما تخصّه معاني التّستّر والعزلة والتّأمّل والصّفاء. 4- مدرسة تاجديت في فاتو: ا اسم المعلم تاجديت ويعني باللّغة الامازيغيّة "الجديد". يعود تأسيسه إلى أوّل القرن الثّالث للهجرة / التّاسع للميلاد. أمر ببنائه أمير مدينة تاهرت الإمام عبد الوهاب (168 هـ - 208 هـ) أو ابنه أفلح (208 هـ - 258هـ) . درّس به الشّيخ أبو النّجاة يونس بن سعيد بن يحي بن تعاريت الصّدغياني الّذي ترأّس حلقة العزّابة خلال سنة 903 هـ /1497-1498 م ويبدو أنّ المعلم مرّ بثلاث مراحل: 1- مرحلة أولى كان فيها أقلّ اتساعا ممّا هو عليه الآن. 2- مرحلة ثانية حوّل فيها المعلم إلى قلعة وذلك حوالي القرن 16 م 3- مرحلة ثالثة شهد فيها المعلم إصلاحات هامّة شملت السّقف وإطار المحراب في النّصف الأوّل من القرن الرّابع عشر هجريّ / القرن العشرين ميلاديّ ( مدوّنة مساجد جربة : رياض المرابط ص 87) 5- مدرسة جامع الغرباء في حومة السّوق: ويسمّى بمسجد برزين. كان إباضيّا وتحوّل إلى المذهب المالكيّ في القرن التّاسع للهجرة /الخامس عشر للميلاد. كان الشّيخ سعيد بن أيّوب الباروني النّفوسي قد اشار الى ذلك في مخمّسته الّتي نظمها حوالي نصف القرن 11 هـ/ 17 م. أصبح الجامع لغير الإباضيّة وهو إلى الآن مالكيّ و قد أسّسه صالح السمومني. وحيث أنّ عائلة السمومني بها على الأقلّ شيخان يحملان اسم صالح وهما صالح ابن يحي الّذي كان موجودا في 916 هـ / 1510 م والآخر صالح والد الشّيخ سليمان الّذي كان على رأس المشيخة سنة 699 هـ / 1299- 1300 م لذا فإنّ الشّخص المشار إليه بالقصيدة هو على الأرجح والد سليمان بن صالح وهو من شخصيّات النّصف الأوّل من القرن السّابع هجريّ / الثّالث عشر ميلاديّ وفي هذه الفترة تأسّس المسجد. بنو سمومن من شيوخ جربة. اشتهرت هذه العائلة شهرة واسعة وكانت في زمن التّيجاني (706هـ) تحكم نصف الجزيرة وقد ذكر زمباور في معجم الأنساب هذه العائلة كأسرة حاكمة وسمّاها عائلة (بني زكرياء) جدّدت صومعة الجامع سنة 1086 هـ 1675-1676 م بإشراف غرباء عن جزيرة جربة من عائلة المنيوي المتفرّعة عن قبيلة الحمارنة بمنطقة مارث والّتي عيّن أحد عمدائها الشّيخ سيّدي أحمد بن الشّيخ سيّدي حميد بن الشّيخ سيّدي أحمد المنيوي على رأس جامع الغرباء قاضيا ومفتيا سنة 1003هـ/1594م )المريمي، ص 383( بالمعلم نقائش بأعلى المنارة بإفريز حول البدن كتب عليه بخطّ نسخيّ : بسم الله الرّحمان الرّحيم وصلّى الله على سيّدنا محمّد قل هو الله أحد الله الصّمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ،نصر من الله وفتح قريب وبشّر المؤمنين يا محمّد غفر الله لمن خلّده.) المرابط ص 27( 6- مدرسة بني لاكين في حومة غيزن: وتسمّى أيضا جامع تلاكين – من أبرز المعالم الأثريّة بجزيرة جربة و يوجد في حومة غيزن. كان مقرّا لمجلس العزّابة ومدرسة بارزة مدّة قرون طويلة. يعود تاريخ تأسيسه إلى بداية القرن السّابع الهجريّ على الأقلّ إلّا أنّ الشّيخ سالم بن يعقوب رحمه الله، وهو أحد مشائخ وأئمّة هذا المعلم، يقول إنّ تاريخ التّأسيس سابق لهذه الفترة فيذكر في ورقات مخطوطة مودعة بمكتبته أنّ حومة غيزن كانت تسمّى حومة بني لاكين نسبة لمؤسّس الجامع لاكين وهو اسم الشّخص الّذي سكن هذه المنطقة منذ القرن 4 ه/ 10 م وبنى مسجده بها. ولمّا كثر السّكّان وضاق جامع لاكين بالمصلّين قام بتوسعته أولاد بني أبي زيد الصّدغياني في أوّل القرن السّابع للهجرة سنة 601 هـ/ 1205 م وتقدّر هذه الزّيادة بحولي الثّلثين فقد هدّم أصله من جهتي الشّمال والغرب وترك المحراب القديم ليدلّ على الزّيادة كما أنشئت فيه ميضة وصومعة. ظلّ هذا المعلم إلى فترة قريبة من أنشط مساجد الجزيرة وهو مقرّ آخر الزّعامات الرّوحيّة للإباضيّة الوهبيّة الشّيخ سالم بن يعقوب المتوفّى سنة 1992 م كان المسجد مقرّا لحلقة العزّابة منذ النّصف الثّاني من القرن التّاسع هجريّ / الخامس عشر ميلاديّ حيث كان الشّيخ زكرياء بن أفلح الصّدغياني (المتوفّى قبل 903 هـ) يعقد به مجلسه. وقد درّس بهذا المسجد كثير من مشاهير الوهبيّة مثل الشّيخ سليمان بن عبد الله الصّدغياني المتوفّى سنة 1077 هـ/ 1666 م لعب المسجد دورا قضائيّا منذ القرن الحادي عشر هجريّ/ السّابع عشر ميلاديّ على الأقلّ وتشهد بذلك النّوازل الّتي حقّقها الدّكتور الجعبيري من دفتر النّوازل الّتي حكم فيها العزّابة من محرّم 1090هـ/فيفري1679 م إلى ربيع الثّاني 1204 هـ/ جانفي 1790م 6- مدرسة أبي كثير في حومة تغديمس: تقع بين طرفي حومة بركوك وحومة الرّياض. يتعلّق الأمر بمسجد ومدرسة وهبيّة من توابع مشيخة بني ديس سابقا. ذكر على الخرائط الطّبوغرافيّة تحت اسم "بوكر" ينسب إلى شخصيّة علميّة إباضيّة : أبو كثير .لا توجد بشأنها معطيات تذكر غير أن المعلم ذكره الشّيخ سعيد بن أيّوب الباروني النّفوسي في مخمسته الّتي نظّمها في النّصف الثّاني من القرن الحادي عشر هجريّ / السّابع عشر ميلاديّ حيث يقول: سلوا مسجد لاكين إن كنتم تسألوا-ولكن كلّكم عن السّؤال غفل مجالسكم كانــت به والنـّوازل - ومسجد أبي كثير للعلم محفل وأحكامهم بالعدل وقف الأوامر فهو إذن موجود قبل القرن الحادي عشر هجريّ/ السّابع عشر ميلاديّ والشّخصيّة الّتي ينسب إليها المعلم دفينة الضّريح الواقع على مساحة 18.5 م² واجهته شرقيّة بمحورها مدخل مستطيل من حجارة مهندمة يفضي إلى قاعة مسقّفة بقبّة نصف كرويّة الشّكل ذات رقبتين 7- مدرسة ليمس في حومة الدّوّاي بآجيم: جامع ليمس أو بني ليمس: هو من أعرق المعالم الإسلاميّة الجربيّة بل ويشاع أنّ جذوره تمتدّ إلى ما قبل التّاريخ العربيّ الإسلاميّ بالجزيرة يقوم على أنقاض كنيسة رومانيّة وهذا يحتاج إلى تثبّت. لكنّ الثّابت هو أنّ المسجد احتضن الوالي الرّستمي وإدارة الحكم التّابعة للدّولة في القرن الثّالث هجريّ ثمّ لم ينطمس نور العلم من هذا المعلم وهذه المدرسة على طول القرون الموالية فاحتضن مشيخة العزّابة وقاد الجزيرة بأكملها كما تخرّجت منه أجيال من المثقّفين والمشائخ والعلماء من عائلة المثني وعائلة الويراني ثمّ شاءت الأقدار أن يقع تهديم هذا المسجد خلال السّبعينات من القرن العشرين لتعويضه بمبنى يحمل نفس الاسم ولكنّه لا يحمل من جامع ليمس الحقيقيّ إلّا الصّفة اللآجيميّة. إنّ ما وقع لجامع ليمس هو محو لكيان أصيل هندسيّا ومعماريّا وتاريخيّا لأنّ الجامع القديم كان ينفرد بشكل منارته ومئذنته عن بقيّة مساجد الجزيرة ذكره الشّيخ سعيد بن أيّوب الباروني النّفوسي في مخمسته: سلوا ليمسا عن جادوي سعيدها - ونجله عبد الله ويحي فريدها سليمان والشّمّاخي كانا عميدها - منازلهم للبوم أضحى غريدها كأنّها لم تكن بالأمس عوامر 9- مدرسة التّغزويسني في حومة مزران: معلم ريفيّ على ربوة قليلة الارتفاع بحومة مزران. ينسب الجامع إلى الشّيخ محمّد بن سعيد التّغزويسني وهو من الشّخصيّات العلميّة البارزة في عائلة التّغزويسني، عاش في القرن 11 هـ /17 م وكان عضو مجلس العزّابة، فرّ من الوباء الّذي تفشّى في جربة وتوجّه إلى برّ الأعراض ثمّ ندم على خروجه ورجع إلى جربة تائبا ومات فيها في شهر شعبان سنة 1073 هـ/1662 -1663 م وكان يدرّس قبل ذلك في جامع ولحي بوادي الزّبيب (محمّد قوجة، علماء جربة ص 77) ذكر الشّيخ سعيد بن أيّوب الباروني المعلم في مخمسته بقوله: سلوا غزويسن دار العلم أمست طلل - ثمّ اسألوا عن الّذي نظّم الجمل وعن صالح المغراوي ذي القول والعمل- أضاء علمهم زمانا فيها وقد أفل وأين بقايا جذر البغاطر المعلم لا يحمل اثر تحويرات جليّة عن أصل البناء الّذي يعود مبدئيّا إلى ما قبل القرن 11 هـ / 17 م والواضح انّه تداعى الآن نتيجة إخلائه من وظائفه منذ ما لا يقلّ عن ثلاثة قرون من الزّمن. 10- مدرسة بوليمان في حومة جعبيرة: ينسب المعلم إلى عائلة البوليمانيّين بحومة أفصيل مع العلم أنّ بجزيرة جربة يوجد مسجدان يحملان هذا الاسم وهما: جامع بوليمان بصدغيان الّذي احتضن مجلس العزّابة في عهد شيوخ عائلة المكناسي وجامع بوليمان الكائن بحومة جعبيرة الّذي نحن بصدد الحديث عنه. فقد ذكره أبو راس الجربيّ في مؤنس الأحبّة ص 93 عند حديثه عن الشّيخ سليمان الحيلاتي قائلا: هو شيخ مشائخ عصره ووحيد دهره سليمان بن أحمد بن محمّد الحيلاتي الصدغياني وتوفي في صفر سنة تسع وتسعين وألف هجري / 1687 م ودفن بمقبرة جامع البوليمانيين بحومة أفصيل. والملاحظ أن تسمية الحومة بجعبيرة حديثة نسبيا. 11- مدرسة بوليمان في حومة صدغيان: هو جامع بوليمان بحومة صدغيان ومشيخته تعود إلى علماء أسرة المكناسي وينسب لعائلة البوليمانيين ذات الصيت العلمي الذي يردد الحيلاتي صداه والتي ينسب لها جامعا آخر يحمل نفس الاسم بحومة جعبيرة من وادي الزبيب. ذكر الحيلاتي هذا المعلم في كتابه : " علماء جربة المسمّى: رسائل الشّيخ سليمان بن احمذ الحيلاتي الجربيّ ", ص 75 بقوله : " مسجد بوليمان بحومة صدغيان الّذي جدّده وشيّده الحاج يونس بن يونس الصّدغياني وتبدو هذه الشّخصيّة معاصرة للحيلاتي(ق 11 هـ/17 م ) وذكر الحيلاتي "وقبر عمّنا الشّيخ عمر بن مكناس بقرب مسجد البولييمانيّين بحومة البولييمانيّين بصدغيان" يحمل المعلم كثيرا من خصائص العمارة التّونسية في العهدين المراديّ والحسينيّ وخاصّة باستعمال الأعمدة الرّخاميّة المستوردة والّتي شاع استعمالها في العهد الحسينيّ. وحسب الدّكتور الجعبيري يعود تأسيس هذا المعلم إلى أوائل القرن 10هـ /16م. 12- مدرسة مدراجن في حومة مزراية: ترتبط تسميته ذات الصّياغة البربريّة بمنارته ذات المدارج الشّاهقة. للمعلم خصائص دفاعيّة حيث أعدّ ليحتمل حالة حصار وهو الوحيد في مساجد جربة الّذي يحتوي على طابق علويّ مرتبط بالطّابق السّفليّ بمدخل المنارة من ناحية وبفتحة في السّقف لنقل الذّخائر بأكثر سرعة. منارته من أعلى منائر الجزيرة تمكن من إبلاغ الإشارات الضّوئيّة يكلّ يسر إلى المساجد الدّاخليّة مّما يؤكّد الدّور الدّفاعيّ للمعلم. استعمل هذا المسجد كمدرسة علميّة. من أبرز المدرّسين بها الشّيخ أبو النّماء زايد بن عمر بن إبراهيم بن سليمان اللّوغ الصّدغيانيّ سنة 914 هـ / 1508-1509 م.منزله القديم هو منزل اليونسي الحالي شمال مسجده المشهور بعمّي زايد بمزراية. انتقل أحفاده إلى صدغيان وممّا يدلّ علىى وجاهة هذا الشّيخ أنّ مجلس العزّابة كان ينعقد عنده للاستنارة برأيه رغم أنّ رئيس العزّابة كان آنذاك الشّيخ أبو سليمان داود بن إبراهيم التّلاتي الّذي تولّى رثاء الشّيخ زايد عند وفاته في أواسط القرن 10 هـ /16 م كما تولّى التّدريس بمدرسة مدراجن الشّيخ سليمان بن عبد الله من أولاد أبي زيد الصّدغيانيّ المتوفّى سنة 1077 هـ /1666م 13- مدرسة تقومين في حومة والغ: معلم على أطراف حومة والغ القديمة على الطّريق بين ميدون والسّواني أصبح ركاما وسط مقبرة مندثرة حيث انهار في أواسط القرن العشرين. ينسب لعشيرة بني تقومين الّتي كانت تسكن بين جرجيس ومدنين ويعود تاريخ المعلم حسب ما أكّده الشّيخ سالم بن يعقوب في ما نقله عنه الدّكتور الجعبيري إلى القرن الرّابع الهجريّ. 14- مدرسة تيفرّوجين في حومة والغ: عن تعليق للشّيخ سالم بن يعقوب أورده محمّد قوجة محقّق رسائل الحيلاتي في ذكر علماء جربة ص 83 قوله:" بني في آخر القرن 3 هـ / 9 م و كان في السّابق مدرسة علميّة عامرة بالطّلّاب استمرّ التّدريس فيها إلى القرن 13 هـ /19 م " يقع مسجد تيفرّوجين في حومة والغ القديمة وهي شمال والغ الحاليّة وكانت تسمّى "تحريزت" ولمّا انتقل سكّانها الأصليّون إلى الجهة الجنوبيّة بسبب تحوّل المياه السّطحيّة العذبة نحو الجنوب انقطع التّدريس في المسجد والمعلم موجود ومعروف اليوم وهو في حالة تداعي تهدّد باندثاره. ابرز المدرّسيين في هذه المدرسة الشّيوخ عمرو بن جميع وأخوه عيسى بن جميع (ق 7 هـ/13 م ) وقاسم ويخلف أبناء الشّيخ أيّوب الجناوني (ق 8 هـ/14 م) وأبو إسحاق إبراهيم بن أبي يحي زكرياء الباروني (ق 8 هـ/14م) وعيسى بن أبي القاسم الباروني (ق 13 هـ/19م) ومعه انقطع التّدريس في هذه المدرسة الجنوبيّة. ويورد الدّكتور المرابط في مدوّنة مساجد جربة ص 137 ما يلي: " حسب وثيقة مؤرّخة سنة 1293هـ /1802م أوقف الشّيخ عبد الرّحمان اليركوداسني جميع عقّاراته على المعلم سنة 1217/ 1876م بعد انقراض نسله. وفي تعليق آخر أورده الأستاذ محمّد قوجة في تحقيقه ص 47 نقلا عن حسن حسني عبد الوهاب في خلاصة تاريخ تونس ما يلي: " ابن تافراجين هو أبو عبد الله بن محمّد بن تافراجين .كان أبوه أبو محمّد حاجبا للسّلطان الحفصيّ أبي إسحاق ويمثّل الشّخصيّة السّياسيّة الفاعلة والقويّة في الدّولة الحفصيّة فكان محمّد بن تافراجين يتمتّع بالنّفوذ الفعليّ إلى أن مات سنة 766 هـ /1364 م مقتولا بأمر السّلطان أبي العبّاس أحمد الحفصيّ (772هـ-796هـ/ 1370-1394م) وكان أبو عبد الله بن محمّد بن تافراجين صهرا للسّلطان الحفصيّ ومقرّبا من الدّولة الحفصيّة لذلك كان يكنّ عداء سامّا للأخوين أبن مكّي المتمرّدين .كلّفه أبوه بفكّ جزيرة جربة من أحمد بن مكّي وانتهز فرصة غيابه ووجوده في طرابلس فتوجّهت الجيوش الحفصيّة إلى جربة من جهتي البحر والبرّ وحاصرت القشتيل ثمّ استولت عليه وتمكّنت من السّيطرة على الجزيرة بأكملها وأصبح أبو القاسم أبو العيون حاكما على الجزيرة سنة 763 هـ/ 1362 م. 15- مدرسة تيواجن في حومة تيواجن: تنتمي حومة تيواجن إلى منطقة قلّالة وتقع شمال هذه القرية. تعرف هذه المدرسة بجامع تيواجن. تحوم حوله فرضيّة أن يكون مقرّ أوّل حلقة علم متكوّنة من العقد الرّابع من القرن الخامس هـجريّ/ الحادي عشر ميلادي برئاسة الشّيخ أبي الرّبيع سليمان بن يخلف صاحب كتاب التّحف في الأصول- مخطوط بالمكتبة البارونيّة- وهو أهمّ تلاميذ أبي عبد الله محمّد بن بكر بن أبي بكر الفرسطائيّ النّفوسي مؤسّس نظام العزّابة. ومن المؤكّد أنّ المعلم كان موجودا قبل الرّبع الأوّل من القرن العاشر هـجريّ /16 ميلاديّ حيث دفن به أبو العباس أحمد بن سعيد الشّمّاخي صاحب كتاب السّير المتوفيّ سنة 928 هـ/ 1520-1521 م تسمّى هذه الحومة أيضا حومة الورطنيّين نسبة إلى أسرة بني ورطان الّتي أسّست هذا المعلم حسب الدّكتور الجعبيري خلال القرن 5 هـ/ 11 م ) المرابط،مساجد جربة ص 396( أمّا عن رئيس حلقة العلم بهذه المدرسة يقول الدّكتور الجعبيري في نظام العزّابة صفحة 187: "هو أبو الرّبيع سليمان بن يخلف المزاتي القابسي المتوفيّ سنة 471 هـ/ 1078 -1079 م. نشأ بتمولست تمّ درس على الشّيخ أبي عبد الله محمّد بن أبي بكر الفرسطائي النّفوسي في أريغ فكان من أبرز تلاميذه ثم انتقل إلى جربة حيث تعلّم الفقه على أبي محمّد ويسلان وعلّم بها أصول الدّين. حضوره مع زملائه بجربة كان سببا في ترتيب الحلقة على الشّيخ أبي محمّد ويسلان اليهراسني ولمّا شعر أنّه تمهّر في الفقه قعد للحلقة بتمولست ثم انتقل إلى زنزقة قلعة بني علي قبل 449 هـ /1069 م ثمّ رجع إلى تمولست وانتقل في آخر حياته إلى تونين وهي لا تبعد كثيرا عن تمولست حيث توفّي سنة 471 هـ /1078-1079 م، وتعدّ ترجمة حياته من الأهمّية بمكان في تاريخ الاباضيّة في القرن 5 هـ /11 م لما ضبط فيها من تواريخ. لقد أورد كتّاب السّيرة جلّ أخباره لأنّ المؤلّف معاصر لأبي الرّبيع وقد روى عنه جلّ أخباره. ترجم له الدّرجيني في الطّبقات ج 1 آخر ترجمة سير الشّمّاخي 412-414 . 16- مدرسة أبي ستّة في حومة سدويكش: تحمل هذه المدرسة اسم عائلة أبي عبد الله محمّد بن أبي ستّة القصبيّ السّدويكشيّ المشهور بالمحشّي وبهذا المسجد كان يعقد مجلسا قارّا للعلم. يذكر ابن تعاريت أنّ المحشّي تولّى رئاسة العزّابة بعد شيخه عبد الله بن سعيد السّدويكشيّ في العقد الثّالث من القرن 11 هـ /17 م وكان المجلس آنذاك ينعقد في جامع بني لاكين. توفّي سنة 1088 هـ /1678 م وبعده لم نعلم بوقوع مجلس للعامّة إلّا للخاصّة فقط". أمّا عن اسمه الكامل فهو حسب ابن تعاريت: أبو عبد الله محمّد بن عمر بن محمّد بن احمد بن أبي قاسم أبي ستّة القصبيّ السّدويكشيّ وعنه يقول ابن تعاريت أيضا: "هو العلّامة الكبير المحقّق صاحب التّصانيف المفيدة والحواشي والتّعاليق العديدة .مكث في مصر 28 سنة يتعلّم حيث نال غرضه من جميع العلوم وقد اشتهر عند علماء مصر وعرفوا قدره ونعتوه بالبدر فصار معروفا به. وشهر بالمحشّي لكثرة تعاليقه على حواشي الكتب ثمّ قدم إلى جزيرة جربة في رجب سنة 1068 هـ /1659 م أخذ فيها عن الشّيخ العلّامة عبد الله بن سعيد السّدويكشيّ في الفقه وأصوله والكلام وكانت له عدّة مجالس للتّدريس بجربة. 1-مجلس القصبيّين بقلّالة و يسمّى ايضا مسجد المجلس او جامع تيليوين. 2-مجلس بمسجده المشهور بمسجد أبي ستّة بورسيغن. 3-مجلس بمسجد بني لاكين بحومة غيزن وهو أعظمها يحضر فيه غالب مشائخ الجزيرة وفقهاؤها وطلبتها) محمّد قوجة،رسائل الحيلاتي،ص80و81( أمّا مؤلّفات المحشّي فهي عديدة تتمثّل في رصيد هائل من الحواشي علّق بها على عدد من مصادر الاباضيّة وهي خاصّة : 1- حاشية على كتاب الموجز لأبي عمّار عبد الكافي التّناوتي الورجلاني القرن 8 هـ /14 م 2-حاشية على كتاب قواعد الإسلام للشّيخ إسماعيل الجيطالي ق 8 هـ 14 م 3-حاشية على كتاب الوضع للشّيخ يحيى الجناوني ق 8 هـ /14 م 4-حاشية على كتاب مختصر العدل والإنصاف للشّيخ أحمد الشّمّاخي والقائمة طويلة تصل إلى ستّة عشر حاشية أو يزيد. )راجع مقال لسعيد بن يوسف الباروني،أعلام من الماضي بجريدة الجزيرة عدد 48 أوت 1994( 17- مدرسة الحارة في حومة سدويكش: تقع مدرسة جامع الحارة شرقيّ موقع رومانيّ (هنشير مزريط) قريب من الشّاطىء. يثير اسمها تساؤلات عديدة خصوصا وهي بعيدة عن الحارة الصّغيرة (الرّياض حاليّا) والحارة الكبيرة (السّواني حاليّا). استعمل المعلم كمدرسة لاحتوائه على غرف سكنى للطّلبة. يعتبر الدّكتور الجعبيري أنّ المعلم من منشآت أواسط القرن 8 هـ /14 م. ذكره الحيلاتي في كتابه: علماء جربة المسمّى برسائل الحيلاتي ص86 عند الحديث عن زيارة مساجد الشّطوط لتفقّد الخفراء لثغور السّواحل لئلّا يدهمهم العدوّ بغتة يقول: " ومن عادة الشّيخ أبي زيد بن أبي نوح بن أبي زيد الصّدغياني ومن معه زيارة مساجد الجزيرة لا يغفلون عن زيارتها في كلّ شهر يزورون ركنا من أركان الجزيرة هو والشّيخ إلياس بن داود الهوّاري وأمثالهما من العبّاد اليونسيّين وغيرهم فتارة يبدؤون من مسجد عمّنا عمر بصدغيان ...ويتّبعون مساجد الشّطوط إلى أن يبلغوا مسجد الحارة بورسيغن وتارة يبدؤون من مسجد الحارة ويأخذون على اليمين ويركعون في كلّ مسجد ما تيسّر حتى يأتوا مسجد الفقيه ويحلان بحومة بني باوس ( حومة الحدادّة حاليّا ). 18- مدرسة جامع ابن يعلى في حومة بني ديغت: تقع المدرسة جنوب شرقيّ قرية الرّياض و تنسب إلى عائلة بن يعلى. أسّس المعلم الشّيخ عبد الرّحمان بن المعلّا من وادي أرٍيغ وهناك رواية تقول أنّ أسرة بن يعلى من ذرّية الإمام أبي خزر بن زلتاف الإمام المتكلّم المشهور الّذي كان يناظر علماء الفرق في مجلس السلّطان أبي تميم المعزّ لدين الله العبيدي بمدينة القيروان في أواسط القرن الرّابع هـ أيّام دولة العبيديّين ،ويقول الحيلاتي في رسالته أنّ أسرة الزّنكري بحومة الأرباح أصلها من عائلة التّغزويسني بحومة جعبيرة وأنّ أسرة بن يعلى فرع من أسرة الزّنكري فان صحّت هذه النّسبة فإنّ بن يعلى أصله من ذرّية يغلى بعد إبدال الغين عينا ولم اعلم فيهم من ينسب للعلم في الماضي إلّا الفقيه سليمان بن قاسم بن يعلى: كانت له رغبة في طلب العلم. توفّي سنة 1241 هـ، والشّيخ رمضان بن أحمد بن يعلى الّذي حضرا لمجلس العلميّ المنعقد بجامع ليمس بقرية آجيم سنة 1146 هـ وهو من المتأخّرين . أمّا في العقد الرّابع من القرن الثّالث عشر هـ فقد تولّى الشّيخ صالح بن سعيد بن عيسى الباروني التّدريس في مدرسة جامع بن يعلى إلى أن وافاه الأجل ودفن بمقبرة جامع الملّاق بوالغ، أمّا عن آخر المدرّسيين بالجامع فهو الشيّخ علي بن عمر بن يعلى المولود سنة 1320 هـ/ 1902 م والّذي تولّى التّدريس وإمامة الجمعة في مسجدهم بعد وفاة الشّيخ سعيد بن احمد الباروني وكانت للشّيخ علي بن يعلى دروس في مسجد تيواجن والمسجد القبليّ بقرية قلّالة حتّى وفاته سنة 1404 هـ /1983 م ) الباروني،يوسف بن امحمّد، ابحار الباحثين في تاريخ الجربيّين ،مخطوط ص 173( 19- مدرسة القصبيّين في حومة قلّالة: تقع المدرسة في حومة القصبّيين الّتي شملتها الآن الحومة المجاورة "الفاهمين" بمنطقة قلّالة.لم نعثر على تاريخ تأسيسها والمرجّح أنّها كانت موجودة قبل القرن 10 هـ /16 م. كان المعلم مقرّا للشّيخ أبي سليمان داود بن إبراهيم التّلاتي الّذي يعتبر من أبرز شيوخ العلم في جربة خلال النّصف الأوّل من القرن العاشر هـ /16 م كان يدرّس في مسجد القصبيّين بقلّالة ثمّ انتخب لرئاسة مجلس العزاّبة. يقول ابن تعاريت في رسالته ص 43: "وساد بجربة وتولّى مجلسها .... وإليه يرجع الأمر في زمانه. " وفي سنة 967 هـ /1559-1560 م مات الشّيخ مقتولا على يد درغوث باشا، ويروي أحد تلاميذه محمّد زكرياء الباروني في رسالته "نسبة الدّين" مقتل شيخه فيقول:" وتوفّي في أوائل جمادى الأولى سنة 967 هـ .قتله درغوث بن علي التّركيّ لمّا خالف أهل جربة عامله مسعود بن صالح السّمومني وحاصروه في برج القشتيل نحو أربعة أو خمسة أشهر. تحرّك درغوث باشا على اهل جربة بعرب زوارة ومستاوة فانهزمت الوهبيّة في موقع من برج الوادي إلى السّبخة وقتل منهم نحو أربعمائة أو خمسمائة رجل.ثالث يوم الهزيمة أتى موسى بن عمر بن أبي جلود إلى الشّيخ أبي سليمان مع جماعة من الجند فقال له : لو سرت معنا إلى درغوث لنتكلّم عن الضّعفاء فقال له الشّيخ "نعم" فسار معه راكبا على بغل له حتّى أتى درغوث الذي كلّمه في مخالفة جربة وما كان من أهلها فقال له الشّيخ : نحن جماعة العزّابة ليس بأيدينا ولا إلينا تولية الأمراء ولا عزلهم في هذا الزّمان فقال له: بل انتم حاصرتم مسعودا وأفسدتم البلاد وفعلتم وفعلتم... فقال له الشّيخ: ما فعلنا شيئا إلّا الخير ولسنا إن شاء الله من أهل الشّرّ بل الفساد من قبلك لتقديمك الأسافل وغير ذلك" فاخذ الشّيخ وسجنه نحو شهر أو اقلّ ثمّ قتله لكثرة الطّعن فيه من النّكّار والحسدة والكفّار والله اشدّ بأسا . ويذكر أبو رأس الجربيّ أنّ سبب انتقام درغوث من الجربيّين ومن شيخهم هو استنجادهم بأتراك تونس وطلبهم إيّاهم لحمايتهم من جوره ولمّا حضر الشّيخ داود التّلاتي لديه وسأله أجابه الشّيخ: "نحن فقهاء ليس لنا نظر في أمور المخزنيّة " فلم يصدّقه وأمر بصلبه في جمادى الأولى سنة 967 هـ ) أبو رأس ، مؤنس الأحبّة ص 94( كان لمسجد القصبّيين دور عسكريّ و تعليميّ حيث واصل الشّيخ أحمد بن محمّد أبو ستّة السّدويكشيّ – الّذي توفّي سنة1061 هـ /16391640-م- التّدريس فيه في القرن الحادي عشر هجريّ / 17 م . 20- مدرسة جدّي عيسى في حومة ربّانة: تنسب هذه المدرسة الواقعة في حومة ربّانة إلى الشّيخ أبي موسى عيسى الرّبّاني من علماء النّصف الثّاني من القرن الرّابع هجريّ. يقول فيه الدّرجيني شيخ أهل الإخلاص والتّقوى المعتمد على قوله في الفتوى ذو الرّصانة والحلم والمتقدّم في فنون العلم جوابه عند السّؤال: له رونق وبلاغة وألفاظه حسنة الوصف والصّياغة وحسبك بأوّل من فخرت به زواغة فإنّه صدق في التّجرّد والإنابة فأتاه الله مع العلم والاجتهاد الدّعوات المستجابة. )الدّرجيني، الطّبقات،ج 2 ص 365( توفّي شهيدا إثر هجوم المعزّ بن باديس الصّنهاجيّ على جربة سنة 431 هـ في الحملة الّتي ذبح فيها الشّيخ أبو عمرو النّميلي أحد علماء غار مجماج السّبعة والمدفون شمال الجامع الكبير أبي مسور طريق المطار. مدرسة الجامع الكبير بالحشّان: الجامع الكبير أو جامع أبي مسور، نسبة إلى مؤسّسه أبي مسور يسجا بن يوجين اليهرساني من جبل نفوسة من قرية شروس. قدِم إلى جربة سنة 280 هـ بعد أن استكمل دراسته عن العلّامة أبي معروف وأبي زكرياء يحيى بن يونس السّدراتي بجبل نفوسة، حيث بقي ثماني عشرة سنة يدرّس حتّى بلغ مرتبة أساتذته وتفوّق على بعضهم. وكان في ذلك الحين فقيرا ضيّق ذات اليد. فكان كثيرا ما ينقع الشّعير فيشرب ماءه في وجبة ويطحنه في الوجبة الأخرى. عمّر نحو مائة سنة أو تزيد حتى بلغ الغاية في السّنّ والهرم. عاش فقيرا تزوّج إمرأة نفوسيّة أنجبت له أبا زكرياء فصيل في بداية القرن الرّابع للهجرة. بنى أبو مسور قرية حومة السّوق وأقام بها مسجدا صغيرا- مقرّ نقابة التّوجيه السّياحي الحاليّ أمام البلديّة - ودكاكين للتّجارة وفنادق. شرع في بناء مسجده في الثّلث الأوّل من القرن الرّابع هجريّ/ العاشر ميلاديّ ولكنّ المنيّة أدركته قبل إتمامه. تكفّل ابنه الشّيخ زكرياء فصيل بإتمامه وكان أوّل من تولّى رئاسة التّدريس به. يعتبر الشّيخ أبو مسور المؤسّس الفعليّ للحركة العلميّة والفكريّة الّتي استمرّت في الجزيرة ما لا يقلّ عن ثمانية قرون بداية من القرن الرّابع هجريّ/ العاشر ميلاديّ ويذكر المرحوم علي يحيى معمّر أنّ شهرة أبي مسور في الجزيرة ذاعت بصفة جعلته يصبح الحاكم الفعليّ للجزيرة في العهد الفاطميّ وهي الفترة الّتي كانت فيها جربة مستقلّة استقلالا تامّا.يوجد قبر أبي مسور يسجا بن يوجين اليهرساني بحومة الفاهمين بقلّالة . (انظر علي يحي معمّر- الاباضيّة في موكب التّاريخ الحلقة الثّالثة ص (77-83). المدرّسون بالجامع الكبير: 1- الشّيخ ابو زكرياء فصيل بن أبي مسور القرن 5 هـ / 11 م: هو ابن الشّيخ أبي مسور يسجا اليهرساني. عاش في النّصف الثّاني من القرن الرّابع هجريّ/ العاشر ميلاديّ. توفّي في بداية القرن 5 هجريّ/11 ميلاديّ. من أبرز أعماله بعث نظام العزّابة وتركيزه للحركة العلميّة بجربة ونشرها. يوجد ضريحه إلى الآن شمال الطّريق المؤدّية إلى المطار كلم 3 بجانب معهد سيدي زكري غير بعيد عن الجامع الكبير. 2- العلّامة أبو محمّد كمّوس الزّواغي: من أعلام الجزيرة في القرن 5 هـ /11 م. وهو تلميذ أبي زكرياء فصيل بن أبي مسور. اشتغل بالتّدريس بمدرسة الجامع الكبير وبتسيير شؤون الجزيرة. توفّي شهيدا وهو يؤدّي الصّلاة اثر هجوم المعزّ بن باديس الصّنهاجيّ على جربة سنة 431 هـ / 103 م المعروف بواقعة الجامع الكبير. يوجد ضريحه بمنزل أولاد بن ذياب المعروف بالجويني طريق المطار كلم 3. 3- العلّامة ماكسن بن الخير القيروانيّ: أصيب في بصره وهو ابن سبعة أعوام. حفظ القرآن ثمّ انتقل من القيروان إلى جربة وحضر حلقة أبي محمّد ويسلان بن أبي صالح بالجامع الكبير فكان أنجب تلميذها: تنسب إليه أنواع من الفضائل وترفع إليه المسائل وترجى بدعائه عند الله الوسائل. 4- العلّامة أبو موسى عيسى بن السّمح الرّبّاني: ينسب إلى جامع سيدي عيسى بربّانة. توفّي شهيدا اثر هجوم المعزّ بن باديس الصّنهاجيّ على جربة سنة 431 هـ. قال عنه الدّرجينيّ في الجزء الثّاني ص 365 من " الطّبقات ": هو شيخ أهل الإخلاص المعتمد على الحقّ في الفتوى والرّصانة والحكم. 5- العلّامة أبو الرّبيع سليمان بن يخلف المزاتي : ( القرن 5 هـ / 11 م ) نسبة إلى قبيلة مزاتة، فرع من لواتة بالجنوب التّونسيّ. أخذ العلم في أريغ عن عبد الله محمّد بن بكر ثمّ عن أبي محمّد ويسلان بن أبي صالح بجربة. توفّي رحمه الله عام 471 هـ بتونين قرب تمولست. يوجد ضريحه بورجلان. بلغ خبر وفاته المشائخ ببلاد أريغ أمثال ماكسن ومزين ويوسف بن أبي عبد الله بن بكر وغيرهم فجلّ عندهم الخطب وسامرهم الرّثاء والنّدب واجتمع إليهم أعيان تلك النّواحي يعزّونهم. 6- العلّامة أبو يحي زكرياء بن صالح اليهرساني من علماء القرن 6 هـ /12 م. أشهره الله في خدمة الدّين وأوسع عليه في الأخلاق والأرزاق والأعمال والمال والعطاء والثّناء، سعة تناقلتها الألسن. له مناقب منها ما هو في باب الجود والكرم ومنها ما هو في الكرامات وعجائب البطائن ويمن النّاصية وبركة الرّأي. قال عنه الدّرجيني في كتابه : " طبقات المشائخ بالمغرب " ص 502 : "عَلم المذهب ومناره، المحدود فيه عينه وآثاره و ناصره، متى قلت وكلت أنصاره، وعامر ربعه متى ولّت واعتلّت عماره، أتاه الله في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة." 7- العلّامة إسماعيل الجيطالي القرن 8 هجريّ /14 ميلاديّ: هو أبو الطّاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي، نسبة إلى بلدة جيطال. عاش مدّة طويلة في جبل نفوسة خلال القرن الثّامن للهجرة. ثمّ انتقل الى جزيرة جربة واستقرّ بها. توفّي فيها وهو مدفون بمقبرة الجامع الكبير. كان الجيطالي إماما عالما ورعا مستجاب الدّعوة وسبب انتقاله من طرابلس إلى جربة أنّ فقهاء طرابلس حسدوه وافتروا عليه عند الحاكم الّذي جمعه بحسّاده في مجلس فوجدوه كنزا العلوم والمعارف ومعدن الفضائل. فعظم حسدهم له فلم يجد بدّا إلّا الانتقال عنهم. فقصد جربة. ونزل في الجامع الكبير. تلقّاه علماء جربة بالتّرحاب واجتمع عليه الطّلبة فكان يقرأ ويصنّف في المجلس الواحد. من أشهر مؤلّفاته: كتاب قناطر الخيرات في ثلاثة أجزاء، قواعد الإسلام، شرح قصيدة النّونيّة لأبي نصر الملوشائيّ، شرح الأصول الدّينيّة، كتاب الحجّ والمناسك و كتاب في الفرائض والحساب. توفّي سنة 737 هـ/ 1336-1337م ودفن بمقبرة الجامع الكبير. يذكر الشّيخ سالم بن