يقوم هذا البحث بدراسة مصر في الشعر السوداني الحديث وفق عينة مختارة، وفي سبيل تحقيق غايته اعتمد على المنهج التحليلي لاستكناه النصوص وفتح مغاليقها، وقد مال إلى المنهجين الأسلوبي والفني لإبراز الخصائص الفنية. وخلص إلى تفاوت رؤية الشاعر السوداني لمصر تفاوتا كبيرا بحكم ثقافته وتكوينه النفسي ومذهبه الأدبي الذي يؤمن به، فمنهم من كانت رؤيته بسيطة وساذجة على الرغم من اتكائه على ضجيج الألفاظ واصطناعه للنزعة الخطابية الزاعقة، واعتماده على التوسل العاطفي المقيت، ومنهم من كانت رؤيته أعمق، لا سيما من كان يرى في مصر الدولة المركزية علما وثقافة وتاريخا وقدرة على المضي بالعرب إلى أفق أرحب. اعتمد شعراء الاتجاه المحافظ على حشد وتكثيف الصيغ الإنشائية؛ لأنها توفر لهم صوتا خطابيا زاعقا يناسب مذهبهم الفني، ويرضي العامة التي ترغب في مثل هذا الصخب. وأفاد بعض الشعراء من التقنيات الحديثة )السرد والمونولوج والارتداد( في إيصال رؤاهم. على الرغم من محافظة معظم النصوص التي وقفنا عندها على العروض الخليلي إلا أن الدراسة كشفت قدرة شاعر الاتجاه الجديد- شعر التفعيلة- على التعبير عن ذاته بموسيقية وانسيابية، با عائق، طالما غذى شعره بالعاطفة الصادقة والوجدان السليم والبساطة العميقة. لم يتخلص الشاعر السوداني من الفهم القديم للصورة، إذ اعتبرها وسيلة للشرح والتوضيح والمبالغة المفرطة؛ لذلك جاءت صوره في معظمها منسوخة من القدماء أو ذات طابع حسي، لكن هذا لم يمنع ظهور صور جديدة.
يقوم هذا البحث بدراسة مصر في الشعر السوداني الحديث وفق عينة مختارة، وفي سبيل تحقيق غايته اعتمد على المنهج التحليلي لاستكناه النصوص وفتح مغاليقها، وقد مال إلى المنهجين الأسلوبي والفني لإبراز الخصائص الفنية. وخلص إلى تفاوت رؤية الشاعر السوداني لمصر تفاوتا كبيرا بحكم ثقافته وتكوينه النفسي ومذهبه الأد...
مادة فرعية