ازدهرت البيمارستانات في الحضارة الإسلامية، فتعددت أنواعها، منها ما خصص لعلاج أمراض بعينها كالجذام والأمراض العقلية، ومنها ما كان ذا طبيعة عامة لعلاج مختلف الأمراض. كان البيمارستان من جملة المباني الخدماتية التي حرص الخليفة المنصور على تضمينها مدينته المدورة. ثم توالى إنشاؤها في بغداد حتى بلغت خمسة في القرن الرابع الهجري. وعلى الرغم من ظهور البيمارستانات إلا أن مهنة الطب ظلت تمارس من قبل فئة لا تتوفر فيهم المؤهلات الطبية، فعمت الفوضى وانتشرت الأخطاء الطبية، مما دفع الخليفة المقتدر بالله إلى اتخاذ قرار بهدف تقنين مهنة الطب وتنظيمها. كان افتتاح البيمارستان العضدي سنة 371 ه / 981 م تتويجا لمأسسة العمل الطبي ببغداد. وعلى الرغم من أن قواعده من عمل القائد التركي "بجكم"، إلا أن عضد الدولة أضاف إليه عدة مبان، كما جهزه بكل ما يحتاجه من خدمات، وقد أوكل المهمة للطبيب المشهور الرازي. ولأجل استمراريته وديمومته خصص عضد الدولة الأوقاف الكثيرة، لينفق من منتوجها على البيمارستان ونزلائه، وسار على نهجه من جاء بعده من الأمراء البويهيين. يمتاز البيمارستان العضدي عن سابقيه ظهور مفهوم الاختصاص الطبي؛ فقد قُسم إلى قاعات حسب الأمراض، واختير لمباشرة العمل في كل منها أطباء من ذوي الاختصاص، كذلك احتواؤه على قاعات خصصت لتدريس الطب النظامي، المقرون بالتدريب العملي في قاعات المرضى، يضاف إلى ذلك جهاز إداري يتولى تدبير أموره ونفقاته. استمر البيمارستان العضدي في أداء دوره الطبي والتعليمي حتى أواخر العصر العباسي حيث ناله من التخريب والتدمير ما نال البنية الحضارية لبغداد بعد الاجتياح المغولي لها سنة 656 ه/ 1258 م.
ازدهرت البيمارستانات في الحضارة الإسلامية، فتعددت أنواعها، منها ما خصص لعلاج أمراض بعينها كالجذام والأمراض العقلية، ومنها ما كان ذا طبيعة عامة لعلاج مختلف الأمراض. كان البيمارستان من جملة المباني الخدماتية التي حرص الخليفة المنصور على تضمينها مدينته المدورة. ثم توالى إنشاؤها في بغداد حتى بلغت خمسة ...
مادة فرعية