استطاعت القصة القصيرة جدًا، في العقود الزمنية الأخيرة، أن تتبوأ لنفسها مكانة خاصة في دائرة الفنون السردية في الأدب العربي المعاصر، متجاوزةً بذلك الإشكالات والأسئلة التي ترافقت مع بدء ظهورها، من قبيل: التسمية الاصطلاحية، والجذور الأولى، والهوية الجنسية )من جهة الجنس الأدبي(، والتأصيل لها من التراث العربي، والأثر الغربي فيها... إلى غير ذلك من الأسئلة المعهودة، وصارت الكتابات العربية في هذا المجال بارزة وحاضرة في المشهد الثقافي الأدبي في الدول العربية المختلفة. إنّ هذا التطور الواضح ليحتاج، في استمراره ودقة خط سيره، إلى جهد نقدي يترافق معه، مثلما احتاجت الأجناس الأدبية الأخرى، من قبل، إلى مثل هذا الجهد. وتأتي هذه الدراسة لتتناول جانبًا قد يبدو أقرب إلى الناحية الشكلية الفنية، لكنه في الواقع متصل بالناحية المضمونية أيضًا، وهو جانب التكثيف )الاقتصاد( الذي عُرفت به القصة القصيرة جدًا، فمن أين يأتي هذا التكثيف؟ وما أبرز مظاهره وتجلياته؟ وكيف يحقق لهذه الكتابة شعريتها دون أن يخرجها من كونها نثرًا؟ وما علاقته في الربط بين المضمون والشكل للنص الأدبي الواحد؟ هذه الأسئلة، وغيرها، تحاول هذه الدراسة الإجابة عنها بنحو تطبيقي يعرض لنماذج من القصة القصيرة جدًا في سلطنة عمان، كتبها بعض الكتّاب المعاصرين، ويدرسها معتمدًا على المنهج التحليلي الوصفي الذي ينطلق من النص المدروس ويجعله الأساسَ الذي يبني عليه أحكامه المعتمدة، دونما محاولة لإسقاط المعطيات غير النصية عليه.
استطاعت القصة القصيرة جدًا، في العقود الزمنية الأخيرة، أن تتبوأ لنفسها مكانة خاصة في دائرة الفنون السردية في الأدب العربي المعاصر، متجاوزةً بذلك الإشكالات والأسئلة التي ترافقت مع بدء ظهورها، من قبيل: التسمية الاصطلاحية، والجذور الأولى، والهوية الجنسية )من جهة الجنس الأدبي(، والتأصيل لها من التراث ...
مادة فرعية