يتناول هذا البحث جهود الفيلسوف والمنطقي المعروف رودولف كارناب في إقامة معيار “قابلية التأييد”، كأساس للتمييز بين قضايا العلم وقضايا الميتافيزيقا، والاعتراضات التي قدمها فيلسوف العلم كارل بوبر على ذلك المعيار، وما دار بينهما من محاججة فلسفية ومنطقية استمرت عقودا طويلة، وما آلت إليه تلك المحاججة من نتائج أثرت في الشكل المعاصر لفلسفة العلم في القرن العشرين، وكيف قدم كل منهما تصوره لطبيعة المنهج العلمي الذي على العلوم المعاصرة أن تتبعه. فإذا كان كارناب، وجماعة الوضعية المنطقية عموماً، جعلوا من “قابلية التحقق”، ثم “قابلية التأييد”، الطريقة المثلى لتخليص العلم من كل الأفكار الميتافيزيقية التي أعاقت تقدم العلم لعقود طويلة، معتمدين على “منهج الاستقراء” كأساس للمنهج العلمي، فإن بوبر يعتقد أن الطريقة المثلى لتقدم العلم هي إخضاع نظرياته لمعيار “قابلية التكذيب”، والاعتماد على “المنهج الافتراضي”، الذي يعطي “الفرضيات العقلية” دوراً أساسياً في العلوم المعاصرة. إلى أن ينتهي البحث إلى تحديد نتائج تلك المحاججة، وما انتهت إليه فلسفة العلم المعاصر من إعطاء دور أكبر للفرضيات العقلية، وتراجع الاعتماد على معيار قابلية التأييد، وذلك نتيجة تراجع النزعة التجريبية الصارمة في العلوم المعاصرة، ولا سيما علم الفيزياء. الأمر الذي فتح المجال واسعا أمام عودة العلم المعاصر للاستعانة بالفلسفة من جديد.
يتناول هذا البحث جهود الفيلسوف والمنطقي المعروف رودولف كارناب في إقامة معيار “قابلية التأييد”، كأساس للتمييز بين قضايا العلم وقضايا الميتافيزيقا، والاعتراضات التي قدمها فيلسوف العلم كارل بوبر على ذلك المعيار، وما دار بينهما من محاججة فلسفية ومنطقية استمرت عقودا طويلة، وما آلت إليه تلك المحاججة من نت...
مادة فرعية