يهدفُ هذا البحث إلى توضيح وإبراز معالم الصورة التاريخية والحضارية للواقع اللغوي في بلاد المغرب والأندلس، بناءً على ما ورد في مقدمة العلامة أبي زيد، عبدالرحمن بن محمد بن خلدون ت. 808 ه/ 1406 م؛ الذي كان شاهداً على كثيرٍ من مظاهر الحضارة العلمية في كلا البلدين، وبخاصة علوم اللسان العربي وآدابه وفنونه، التي انتقل معظمها من المشرق الإسلامي إلى بلاد المغرب والأندلس، ونبغ فيها العديدُ من العلماء. وكان ابن خلدون قد قسَّم العلوم إلى قسمين؛ نقلية وعقلية، فجعل علوم اللغة العربية ضمن العلوم النقلية، وربط ظهورها وازدهارها بأمرين؛ العمران، واتّصال سند العلم في المدن الرئيسية، وبخاصة قُبَيل خراب مدينة القيروان على يد القبائل الهلالية خلال القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي، وقُبيل سقوط مدينة قرطبة على يد النصارى الإسبان عام 633 ه/ 1236 م، وعلى الرّغم من التشاؤم الذي أبداه ابن خلدون تجاه الأوضاع العلمية والتعليمية في عصره، بسبب العوامل المذكورة، وبخاصة بعد فساد اللغة العربية واختلال دلالاتها بسبب اختلاط لغة أبناء الجيل الفاتح بلغة غير العرب، ولأن كثيراً ممن دخلوا في الإسلام لم يكونوا من ذوي اللسان العربي؛ فإن مقدّمته أتت على كثيرٍ من العلماء المغاربة والأندلسيين الذين أسهموا في الإبقاء على ديمومة اللغة العربية وانتشارها في كلا البلدين، وذلك من خلال تآليفهم التي صنَّفوها في مختلف فروع علوم العربية وآدابها وفنونها، كالنَّحو واللغة والبيان، والشِّعر والموشّحات والأزجال؛ حتى أصبحت جزءاً من مكوِّنات هويتهما الحضارية والثقافية الإسلامية والإنسانية. ورغم كثرة الدراسات التي عنيت بعلوم اللغة العربية في المغرب والأندلس؛ فإنها لم تسلّط الضّوء بشكل مباشر على ما اشتملت عليه المقدمة من معلومات قيِّمة حول ماضي وواقع علوم اللسان العربي فيهما، فجاء هذا البحث ليعكس صورة الرؤية الخلدونية في هذا المجال، وليُبرز معالم ومظاهر العلاقات التاريخية بين بلَدَيّ الجناح الغربي من العالم الإسلامي، ومدى التفاعل والتأثير المتبادَل الذي رافق مسيرة النهضة اللغوية فيهما.
يهدفُ هذا البحث إلى توضيح وإبراز معالم الصورة التاريخية والحضارية للواقع اللغوي في بلاد المغرب والأندلس، بناءً على ما ورد في مقدمة العلامة أبي زيد، عبدالرحمن بن محمد بن خلدون ت. 808 ه/ 1406 م؛ الذي كان شاهداً على كثيرٍ من مظاهر الحضارة العلمية في كلا البلدين، وبخاصة علوم اللسان العربي وآدابه وفنونه...
مادة فرعية