كثيراً ما يتمحور النص القصصي لدى الكاتبة السعودية بدرية البشر حول نقدها البنّاء للسلطة الاجتماعية التقليدية الناظمة للمجتمع، وربما تكون هذه الملحوظة هي السمة الأبرز في مجموعاتها القصصية الصادرة منذ عام 1993 ، عندما أصدرت مجموعتها عام 2004 ، وفي هاتين الأخيرتين تجسيد عميق لفكرة » وحبة هال « ، عام 1994 » مساء الأربعاء « ثم » نهاية اللعبة « الأولى الدراسة. والسلطة الاجتماعية فيما ترمي إليه بدرية البشر مفتاحها الأساسي هي تمثيات الذكورة وتمظهراتها، وهي المدخل الأنسب– في ظن الدراسة- لفهم التداخات النصيّة وتفكيكها لدى الكاتبة. فالكاتبة في توجهها هذا تجابه استلابا باستلاب مضاد، ولكنه استلاب كتابي للذكورة في خطابها القصصي المتخيّل. لقد ظهرت تمثيات الذكورة لدى الكاتبة– عامة– مختلة تجنح نحو السلبية والتسلط والحرمان والعجز والفساد، وهو جنوح ربّى الكثير من العقد المتأصلة في ذهنية المجتمع. مما يعني تعميقا لفكرة القوة وخطاب السيطرة والهيمنة مبنية على فكرة التمثيل ومفهومه بوصفه استلابا للآخر وحدّاً من حضوره، وهذا يؤسس نسقا ثقافيا قارّا في الأروقة الذهنية للمجتمع، وهو نسق يرقى لأن يشكل منظومة من القيم والمعتقدات والتصورات والمنطلقات والميول التي رسخت في اللاوعي عند الفرد والجماعة، محددة طبيعة رؤية الذات للذات ورؤية الذات للجماعة، لأن التمثيل هنا يعطي للجماعة صورة عن نفسها وعن الآخر، وهو ما يصنع الهوية السردية الجماعية التي تمثل نسقا مترابطا من استباق الأفكار والدلالات والأحكام الراسخة في الذهنية الجمعية. من هنا يظهر العمل القصصي الذي تسطّره الأنثى من وجهة نظرها خروجا على النسق القار في ذهنية المجتمع، فهو قلم الأغلبية الصامتة التي أخذت أو سيطرت تمثيات الذكورة على أحقية تمثيلها والبوح عنها بالنيابة لمدة طويلة. إن المرأة الكاتبة هنا هي صاحبة الرؤية ومن ثم هي الأقدر على تمثيل عالمها الأنثوي وعالم قريناتها، ونقل المعاناة الناتجة عن كل ما سبق، مما يجعل صوت الكاتبة أو الساردة في مثل هذا السياق صوتا ثقافيا مميزا يصنع خطابا مؤسسيا مضاداً ومقاوما ومتمرداً على السياقات الأخرى المسيطرة. وانطلاقا مما سبق، فإن الدراسة عكفت بالاستناد إلى مقولات النقد النسوي على تحقيق ما سبق من خال ثلاثة محاور هي على النحو الآتي: المحور الأول: سيتعاطى مع تمثيات الذكورة في نص القصة القصيرة لدى بدرية البشر حسب رؤيتها، والوقوف عند نماذج الذكورة وأفعالها، والبحث في رمزية الذكورة ومظاهر تحققها من ألفاظ وفلسفات ورؤى تعينها على تحقيق خطاب الهيمنة. المحور الثاني: يحاول تقصي ملامح الخطاب الأنثوي المضاد والمزعزع لفعل المؤسسة الذكورية وخطابها المهيمن وتمثيلاتها المثبتة، وإذا ما كان يحقق فعا مؤسساتيا يمتلك مقومات المنافسة، ومن ثم الإحال وامتاك زمام البوح والتعبير. المحور الثالث: هو محور فنيّ يقف عند ملامح الخطاب القصصي لدى الكاتبة، وهو الذي يعينها على تقديم المقنع فنيا،ً ورصد الوسائل والتقنيات الفنية التي تسلّح بها النص لمواجهة خطاب الفاعل الذكر.
كثيراً ما يتمحور النص القصصي لدى الكاتبة السعودية بدرية البشر حول نقدها البنّاء للسلطة الاجتماعية التقليدية الناظمة للمجتمع، وربما تكون هذه الملحوظة هي السمة الأبرز في مجموعاتها القصصية الصادرة منذ عام 1993 ، عندما أصدرت مجموعتها عام 2004 ، وفي هاتين الأخيرتين تجسيد عميق لفكرة » وحبة هال « ، عام 19...
مادة فرعية